اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   ..   ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

28‏/01‏/2011

الرجولة: أمنية عمرية / للشيخ ماجد عبد الرحمن الفريان

الحمد لله الذي هيّأ لنا أسباب العبادة وبين لنا دروب الاستقامة وفتح لنا أبواب رحمته والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبدالله صلّى الله علية وسلّم
أما بعد : فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى .
معاشر المسلمين، في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر رضي الله عنه إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا ؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به.  ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر  رضي الله عنه : ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.
رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة.
      إن الأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن المذخورة، والثروات المنشورة، ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى الرؤوس المفكرة التي تستغلها، والقلوب الكبيرة التي ترعاها والعزائم القوية التي تنفذها: إنها تحتاج إلى الرجال.

أيها المسلمون، لرجل أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين، ولذلك كان وجودُه عزيزاً في دنيا الناس، حتى قال رسول الله  صلّى الله علية وسلّم: ((إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة)) رواه البخاري.

23‏/01‏/2011

أسد المغرب يوسف بن تاشفين ( 4 )

مرحلة قيادة الجيش المرابطي 448-452هـ/ 1056-1060م

في هذه المرحلة لم يكن يوسف أميرا بل كان مجرد قائد عسكري يعمل تحت امرأة ابن عمه الأمير أبي بكر بن عمر، لم يكن يوسف يملك السلطة بل ينفذ تعليمات غيره من الأمراء، و لكنها كانت مرحلة غنية بالتجارب شحذت ذهنه و أهلته للمرحلة التالية، فكأنها كانت ممارسة للسلطة و الاطلاع على خفاياها دون تحمل المسؤولية، استطاع بعدها تسلم الإمارة و القيام بالأعباء الملقاة عليها بكل همة و نشاط دون تردد وقاد المرابطين إلى النصر في ميادين الكفاح.
تألق نجم يوسف في معركة الواحات 448هـ /1056م التي خاضها، فقد كان قائدا بمقدمة جيش المهاجم، و بعد فتح مدينة سجلماسة[1] عينه الأمير أبو بكر واليا عليها فاظهر مهارة إدارية في تنظيمها. ثم غزا بلاد جزولة و فتح ماسة ثم سار إلى تارودنت قاعدة بلاد السوس و فتحها، و كان بها طائفة من الشيعة البجليين نسبة على مؤسسها علي بن عبد الله البجلي، و قتل المرابطون أولئك الشيعة و تحول من بقي منهم على قيد الحياة إلى السنة.
ثم جاء دور اغمات[2]. كانت مدينة مزدهرة حضاريا إذ كانت إحدى مراكز النصرانية القديمة و مقرا للبربر المتهودين. كان يحكمها الأمير لقوط بن يوسف بن علي المغراوي.

أسد المغرب يوسف بن تاشفين ( 6 )


مرحلة الإمارة 454-500هـ/1062-1106م.

فتح المغرب الأقصى الشمالي454-477 /1062-1084م

بعد أن تنازل الأمير أبو بكر بن عمر ليوسف عن الإمارة، و اطمأن يوسف أن لا منافس له من الوجهة الشرعية إذ أصبح أمير المرابطين بلا منازع، اتجه نحو المغرب الشمالي لانتزاعه من أيدي الزناتيين، مستخدما أسلوب التقري[1]

العمليات العسكرية

 كان هدف يوسف القضاء على زناتة و استخلاص الحكم منها، و في هذه الأثناء و صله طلب استنجاد به من صاحب مكناسة مهدي الكزنائي[2] على عدوه معنصر المغراوي صاحب فاس[3]. و طلب النجدة هذا من صاحب مكناسة أكسبه وجاهة لأنه وقع على دعوة و استغاثة و أتاح له الخطوة الحاسمة للاستيلاء على المغرب. لبى الأمير يوسف الطلب لأنه يتلاءم مع رغبته و يظهره منقذا لسكان المغرب من الزناتيين. هاجم القلعة فازاز و كانت لمهد بن تولي اليحفشي[4] فقضى عليه، ثم تابع سيره لمساعدة الكزنائي، فاعترضته قبائل زواغة و لماية و صدينة و لوامة و مغيلة و مديونة و بهلولة[5] و غيرهم في عدد كثير، و كانت له معهم حربا شديدة انهزموا فيها و تحصنوا بمدينة صدينة، فحاصرها يوسف و دخلها بالسيف و هدم أسوارها و قتل فيها ما يزيد على أربعة آلاف رجل ثم خربها، و ارتحل عنها إلى فاس عاصمة المغرب[6]
و هنا بدأ الصراع بين فرع زناتة الذي يحكم فاس و بين الأمير يوسف، و كان بصورة نجدة لصاحب مكناسة.

أسد المغرب يوسف بن تاشفين ( 7 )



لقب الإمارة

 في هذه الأثناء استدعى يوسف أمراء المغرب و شيوخ القبائل من زناتة و مصمودة و غمارة لمبايعته، فبايعوه بالإمارة[1]، فكساهم و أغدق عليهم الأموال و أكثر لهم العطاء، ثم خرج يحيطون به للطواف على المغرب و تفقد أحوال الرعية[2] مصلحا أمورها رادا الناس عن غواياتهم ناظرا في سيرة ولاته و عماله، و كان يوسف يقصد من وراء ذلك إضفاء صفة الشرعية على فتوحاته وغن زعماء المغرب يؤيدونه و يعترفون بزعامته التي أقامها بعبقريته الفذة و بتخطيطه العسكري الناجح، و يشعر الناس كذلك إنه ليس مجرد فاتح من الصحراء بل منظم لأمور دولة ساهر على مصلحة رعيتها من اضطهاد الولاة، و بالتالي هذا الجول و الطواف- بصحبة أمراء المغرب و حكامه السابقين الذين قاوموه طويلا و بذل جهودا جبارة حتى أخضعهم- يبعث الرهبة في نفوس الذين لم يخضعوا حتى ذلك الوقت.
بعد تلك الجولة المغربية تابع الأمير يوسف عملياته العسكرية، فغزوا المنة[3]عام 465هـ/1072م من بلاد طنجة و فتح جبل علودان، و في العام 467هـ/1074م استولى على جبال غياثة و بني مكود و بني رهينة من أحواز تازا و جعلها حدا فاصلا بينه و بين زناتة الهاربة إلى الشرق، و أجلى عن المغرب كل من ظن فيه أنه من أهل العصيان، فأصبح خالصا له مرتاحا إلى طاعته[4]مطمئنا إلى خلوده إلى السكينة و الهدوء غير تواق للثورة عليه.

و هكذا أصبحت منطقة تازا ثغرا منيعا بينه و بين زناتة[5]، و لذلك يعتبر ذلك العام 467هـ/1074م فاصلا في تاريخ الدولة المرابطية، إذ بسط يوسف نفوذه على سائر المغرب الأقصى و الشمالي باستثناء طنجة و سبتة.

أسد المغرب يوسف بن تاشفين ( 5 )



مرحلة نيابة يوسف على المغرب 452-454هـ/1060-1062م

بعد أن ابتعد المرابطون عن موطنهم الأول، فرضت الظروف الجديدة عليهم بأن يكون للصحراء جندها و للحضر جنده، إنها فكرة اقتضت العمل بها أخبار ترامت من أرض الأصول لأرومة المرابطين تشير إلى اختلال أمر الصحراء[1]، إلى اختلاف جدالة و لمتونة[2]، و هما مجمع أجناد الدولة، و هو خلاف كان بإمكانه تشتيت شمل المرابطين و العودة بهم إلى ديار، فتنعكس آثاره على البلاد المفتوحة- و هذا ما نبه إلى خطورته الإمام ابن ياسين في وصيته- و كذلك إلى تحرك السودان ضدهم. فاختار أبو بكر حلا لهذه المشكلة و خص نفسه بالمجال الحصراوي و ترك الشمال لابن عمه يوسف بن تاشفين، فأنابه[3] عنه و أمره بمتابعة الجهاد بعد أن ترك له ثلث الجيش المرابطي[4]
و باستلام يوسف الأمر في المغرب، نجد قيادة جديدة لا تختلف عن القديمة إنما هي استمرار لها و استيحاء من مصدر واحد مشترك. كان يوسف أفتح أفقا لجو الحضر من الأمير أبي بكر المتمسك بالصحراء و مع ذلك فقد كان قائدا من نمط صحراوي كامل مالكي شديد التدين و التقشف كان ملكا أشبه بالأولياء يتوخى أن يكون زخرفه في عمله لا في مأكله و ملبسه.

11‏/01‏/2011

لماذا السودان ؟! / د. راغب السرجاني


 نتابع جميعًا -منذ سنوات- ذلك الاهتمام المحموم من القوى الغربية وعلى رأسها أمريكابالسودان وما يجري فيه من أحداث وصراعات، وتابعنا ذلك التدخل الدولي من أجل الوصول لحلٍّلمشكلة الجنوب، والحرب الدائرة فيه منذ أكثر من عشرين عامًا، ذلك التدخُّل الذي أسفر عن اتفاق للسلام بشروط مجحفة تُعَدُّ مقدمةً لانفصال الجنوب عن الشمال، وإقامة دولة مسيحية فيه. 
لماذا السودان

دارفور والتدخل الغربي

ولم يهدأ ذلك التسابق المحموم بعد توقيع الاتفاقية، ودخولها حيّز التنفيذ، ولكنه بحث عن جبهة أخرى يستغلها في تحقيق هدفه، وكانت هذه الجبهة هي إقليم دارفور؛ حيث اتهمت أمريكا والدول الكبرى ما أسمتهم "بميليشيات الجنجويد" عربية الأصل بإقامة مذابح جماعية، مدعومةً من الحكومة السودانية، وشنِّ حرب إبادة عرقية لقبائل أخرى من أصول إفريقية.
 ورغم أن الجميع مسلمون، وأن الخلافات بين القبائل في إقليم دارفور قديمة، وكلها بسبب الاعتداءات التي تحدث من الرعاة على حقول المزارعين؛ لأجل إطعام قُطعانهم، ويتم حلها بمجالس عُرفيَّة أحكامها ملزمة للطرفين، رغم كل ذلك إلا أن القوى الاستعمارية -وعلى رأسها أمريكا- نسجت خيوط حرب عرقية، وحوادث اغتصاب يقوم بها مسلمون ضد مسلمين آخرين ومسلمات، وانبرت هذه الدول للدفاع عن حقوق هؤلاء المظلومين المسلمين ضدَّ إخوانهم الظالمين المسلمين أيضًا.
 مرامي التدخل الغربي
وإذا كنا نعلم علم اليقين أن أمريكا ومعها أوربا لا تفتآن تحاربان المسلمين وتبيدانهم في كل مكان من الأرض تصل أيديهما إليه، فما بالهما فيقضية دارفور تأتيان للتدخل من أجل حماية فريقٍ من المسلمين؟!! إن الأمر يمثِّل لغزًا لمن لا يدرك الأسباب الحقيقيَّة للتدخل الصليبي، فتعالَوْا نعرف أبعاد هذا التدخُّل ومراميه.
 فيما يظهر لنا فإنَّ لهذا التدخُّل أربعةَ أسباب مهمَّة وأساسية: 
خوف الدول الصليبية من انتشار المد الإسلامي في إفريقيا أوَّلهاخوف الدول الصليبية الاستعمارية من انتشار المدِّ الإسلامي في إفريقيا وسطًا وجنوبًا، وخاصة في جنوب السودان؛ فهذه الدول التي ظلت تدعم التمرد في جنوب السودان طوال عشرين عامًا أو يزيد -حتى استطاعت الوصول لاتفاق السلام الذي يمهِّد لانفصال الجنوب- تطمح بعد هذا الانفصال إلى تحقيق حُلمها بإقامة دولةٍ مسيحيةٍ في جنوب السودان. هذه الدولة مُخطَّط لها أن تحقِّق عدة أهداف استراتيجية، منها:
 1- أن تكون حاجزًا منيعًا أمام انتشار الإسلام في إفريقيا.
 2- أن تمنع التواصل بين أيّ محاولات مستقبلية من المسلمين للتواصل مع الشعوب المسلمة المضطهَدة وسط وجنوب قارة إفريقيا.
 3- إبقاء دول الشمال المسلم في حالة قلق وعدم استقرار مستمرَّيْنِ، عن طريق تصدير الاضطرابات من هذه الدولة التي ستكون مرتعًا لأجهزة الاستخبارات العالمية.
 ثانيهاقضية البترول السوداني، ومحاولات الاستيلاء عليه من الشركات الكبرى بهذه الدول الاستعمارية الصليبية؛ حيث يصل الإنتاج الحالي إلى 350 ألف برميل يوميًّا -في حالة استقرار الوضع السياسي- واحتياطي يصل إلى 3 مليار برميل، وتقع الاكتشافات النفطية بالجنوب، وجنوب شرق، وجنوب غرب؛ حيث جنوب دارفور ذي المساحة الشاسعة، والبترول الواعد الذي يمدُّ أمريكا حاليًا -من خلال أنبوبة النفط الممتدة بداية من تشاد- بحوالي 16% من احتياجاتها الاستهلاكية اليومية من البترول.
 وهناك ما هو أخطر من البترول، حيث يختلط تراب إقليم دارفور باليورانيوم بكثرةٍ تجعله محطَّ أنظار كل القوى الكبرى عالميًّا وإقليميًّا.
 ثالثهاالسيطرة على منابع النيل، وهذه السيطرة لها أهداف متنوعة منها:
 1- الضغط على مصر والسودان سياسيًّا، حيث سيصبح مصيرهما مرتبطًا بالدولة المسيحية المسيطرة على مجرى النيل، ومن ثَمَّ مرتبطًا بالدول الكبرى، ورغباتها، وعندها يصير القرار السياسي مرهونًا برغبات هؤلاء، وتفقد مصر والسودان استقلاليتهما عمليًّا، أو تضطران لخوض غمار حربٍ أمام القوى الكبرى دفاعًا عن الحياة ذاتها.
 2- تقديم مياه النيل هدية إلى إسرائيل التي ما زالت تحلم وتخطِّط بوصول مياه النيل إليها؛ ليروي ظمأ المحتلين، وييسِّر سبل العيش والزراعة لهم بأرخص الأثمان.
 رابعهاالاستفادة من خصوبة أراضي السودان سلة غذاء العالم العربي؛ في توفير الغذاء بأنواعه لكل الدول الاستعمارية المشاركة في إشعال الأزمة، مع إبقاء الوضع في شمال السودان على ما هو عليه من عدم استخدام هذه الأراضي بالصورة التي تخدم السودان والعالم الإسلامي، وذلك من خلال إبقائه في دوّامة الصراع، والضغط عليه باستخدام سلاح المياه.
 إذن تتبدَّى الصورة في حقيقتها مختلفة عن الجزء الظاهر منها.. الذي تظهر فيه الولايات المتحدة وأوربا وهي ترتدي عباءة الأم الحنون التي تعطف على المساكين الذين يتعرضون للاضطهاد والإبادة، حيث يظهر الشكل الحقيقي لثعلبٍ ماكر يداور ويناور من أجل الْتِهام ذلك الجزء من العالم الإسلامي؛ لتنفتح له أبواب أخرى ظل يخطِّط لفتحها طويلاً حتى آن الأوان.

02‏/01‏/2011

أسباب الابتلاء ، وأنواعه / للشيخ/ صالح آل الشيخ



1) يُصيبُ اللهُ – جل وعلا – أمةَ الإسلام بما يصيبُها بسببِ ذنوبها تارةً ، وابتلاءً واختبارًا تارةً أخرى .

(2) يُصيب اللهُ – جل وعلا – الأُممَ غيرَ المسلمةِ بما يصيبُها إما عقوبةً لما هي عليه من مخالفةٍ لأمرِ الله – جل وعلا – وإما لتكون عبرةً لمن اعْتَبَرَ ، وإما لتكونَ ابتلاءً للناس ، هل يَنْجَوْنَ أو لا يَنْجَوْنَ ؟ قال اللهُ – تعالى - : (فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
وهذا في العقوباتِ التي أُصِيبَتْ بها الأُممُ ، العقوباتِ الاستئصاليةِ العامةِ ، والعقوباتِ التي يكونُ فيها نكايةٌ ، أو يكونُ فيها إصابةٌ لهم .
(3) تُصاب الأمةُ بأن يبتليَها اللهُ بالتفرُّقِ فِرَقًا ، بأن تكونَ أحزابًا وشِيَعًا ؛ لأنها تركتْ أمرَ الله – جل وعلا - .
(4) تُصاب الأمةُ بالابتلاء بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى العلمِ العظيمِ الذي أنزله اللهُ – جل وعلا – . قال الله – تعالى – فيما قصَّه علينا من خبر الأُمَمِ الذين مَضَوْا قبلَنا : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ). وقال - سبحانه - : (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ). عندَ أهلِ الكتابِ العلمُ النافعُ ، ولكن تَفَرَّقُوا بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى هذا العلمِ العظيمِ الذي أنزلَه اللهُ – جل وعلا - ، تَفَرَّقُوا في العملِ ، وتركُوا بعضَه .
(5) يُصاب قومٌ بالابتلاءِ بسببِ وجودِ زيغٍ في قلوبهم ، فَيَتَّبِعُونَ المتشابِه . قال اللهُ – جل وعلا – في شأنهم : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ). فليس وجودُ المتشابه سببًا في الزيغ ، ولكنَّ الزيغَ موجودٌ أولاً في النفوسِ. فاللهُ – سبحانَهُ – أثبتَ وجودَ الزيغِ في القلوبِ أوَّلاً ، ثم اتباعِ المتشابه ثانيًا ، وقد جاءت (الفاءُ) في قوله – جل وعلا – : (فَيَتَّبِعُونَ) لإفادةِ الترتيبِ والتعقيبِ. ففي النصوصِ ما يَشْتَبِهُ ، لكن مَنْ في قلبه زيغٌ يذهبُ إلى النصِّ فيستدلُ به على زَيْغِهِ ، وليس له فيه مُسْتَمْسَكٌ في الحقيقةِ ، لكن وَجَدَ الزيغَ فذهبَ يتلمَّسُ له . وهذا هو الذي ابْتُلِيَ به الناسُ - أي : الخوارجُ - في زمنِ الصحابةِ ، وحصلتْ في زمن التابعينَ فتنٌ كثيرةٌ تَسَـبَّبَ عنها القتالُ والملاحِمُ مما هو معلومٌ .

الأمةُ الإسلاميةُ والمسلمون يُبْتَلَوْنَ .
وفائدةُ هذا الابتلاءِ معرفةُ مَنْ يَرْجِعُ فيه من الأمةِ إلى أمرِ اللهِ – جل وعلا – معتصِمًا بالله ، متجرِّدًا ، متابعًا لهدي السلفِ ممّن لا يرجعُ ، وقد أصابته الفتنةُ ، قلّتْ أو كَثُرَتْ . 



فوائد الابتلاء

العدل في الإسلام..أهميته وحقيقته / دكتور راغب السرجاني


قيمة العدل في الإسلام


يُعَدُّ العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام، وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية، حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط - أي العدل - بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: 25]، وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رُسُله، وإنزاله كتبه؛ فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل، وبالعدل قامت السموات والأرض[1].