اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   ..   ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

13‏/10‏/2011

الأيام العشر من شهر ذي الحجة فضلها ، خصائصها ، الدروس التربوية المستفادة منها



الدكتور صالح بن علي أبو عرَّادأستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
* مقدمة :
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وسراجاً مُنيراً للناس كافةً ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين وتابع التابعين إلى يوم الدين ،            أما بعد ؛

فتمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة ، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ ، وعملٍ صالحٍ ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جل في عُلاه  ، دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . والمعنى أن حياة الإنسان المسلم يجب أن تكون كلَّها عبادةٌ وطاعةٌ وعملٌ صالحٌ يُقربه من الله تعالى ، ويصِلُه بخالقه العظيم جل في عُلاه في كل جزئيةٍ من جزئيات حياته ، وفي كل شأنٍ من شؤونها .

من هنا فإن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُمثل له منهج حياةٍ شاملٍ مُتكامل؛ فهو على سبيل المثال مكلفٌ بخمس صلواتٍ تتوزع أوقاتها على ساعات اليوم والليلة ، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة ، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام ، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال ، وهناك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع ، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر ، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى .

وليس هذا فحسب ؛ فهناك عبادة الحج وأداء المناسك ، وأداء العُمرة ، وصيام يوم عرفة لغير الحاج ، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده ، إضافةً إلى إخراج الزكاة على من وجبت عليه ، والحثُّ على الصدقة والإحسان ، والإكثار من التطوع في العبادات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية ، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقُربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً ، زاخرةً بالعبادات المستمرة ، ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه : } فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ { ( سورة الشرح : الآية رقم 7 ) . 
من هنا فإن في حياة المسلم مواسماً سنويةً يجب عليه أن يحرص على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق أداء بعض العبادات المشروعة ،  والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقربه من الله تعالى ، وتُعينه على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة .

وفيما يلي حديثٌ عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد في حياة الإنسان المسلم ، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص ، وبيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة فيها؛ إضافةً إلى بعض الدروس التربوية المستفادة منها .
* فضل الأيام العشر :
= أولاً / في القرآن الكريم :
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى :  { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ  } ( سورة الحج : الآيتان 27 -28 ) . حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله : " عن ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات أيام العشر " ( ابن كثير ، 1413هـ ، ج 3 ، ص 239 ) .
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 – 2 ) . وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : " وقوله : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه " ( الطبري ، 1415هـ ، ج 7 ، ص 514 ) .
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : " والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف " ( ابن كثير ، 1414هـ ، ج 4 ، ص 535 ) .
وهنا يُمكن القول : إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.
= ثانياً / في السنة النبوية :
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول  صلى الله عليه وسلم  التي منها :
الحديث الأول : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " ( أبو داود ، الحديث رقم 2438 ، ص 370 ) .
 


الحديث الثاني : عن جابرٍ  رضي الله عنه  عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال :" إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر "( رواه أحمد ، ج 3 ، الحديث رقم 14551 ، ص 327 ).

الحديث الثالث : عن جابر  رضي الله عنه  أنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة ".  قال : فقال  رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله " ( ابن حبان ، ج 9 ، الحديث رقم 3853 ، ص 164 ) .

الحديث الرابع : عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال : " ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ . قال : "  ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه " ( رواه الدارمي ، ج 2 ، الحديث رقم 1774 ، ص 41 ).

الحديث الخامس : عن جابر  رضي الله عنه  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة ".  قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال " ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب " (رواه الهيثمي ، ج 4 ،  ص 17 ).

وهنا يمكن القول : إن مجموع هذه الأحاديث يُبيِّن أن المُراد بالأيام العشر تلك الأيام العشرة الأُولى من شهر ذي الحجة المُبارك .
* خصائص الأيام العشر : 
  للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي : 
(1) أن الله  سبحانه وتعالى  أقسم بها في كتابه الكريم فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2 ). ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها .(2) أن الله تعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " ، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص فقال سبحانه : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }  ( سورة الحج : الآية 28 ) ، وقد جاء في بعض التفاسير أن الأيام المعلومات هي الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة .(3) أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها في غيرها؛ فعن عبد الله بن عمر  رضي الله عنه  أنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " ( رواه أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154 ).(4) أن فيها ( يوم التروية ) ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج . (5) أن فيها ( يوم عرفة ) ، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-أنها قالت : عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : " ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيع عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3288 ، ص 568 ).  (6) أن فيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .(7) أن فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام .(8) أن فيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، الذي يُعد أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال : " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1765 ، ص 271 ) .(9) أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج ، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .(10) أنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان ؛ لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب : " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " ( ابن تيمية ، ................... ) .   (11) أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " ( فتح الباري ، .......................) .(12) أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام ، والمُقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلا للحاج .* بعض العبادات و الطاعات المشروعة في الأيام العشر : 
  مما لاشك فيه أن عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالطاعات القولية أو الفعلية من الأمور الواجبة والمطلوبة من الإنسان المسلم في كل وقتٍ وحين ؛ إلا أنها تتأكد في بعض الأوقات والمناسبات التي منها هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة ، حيث أشارت بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيل الاستحباب ، ومن ذلك ما يلي :
= الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28).
ولما حث عليه الهدي النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص ؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث رقم 6154  ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها .
كما يُستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها .
= الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى إذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض ، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه ، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات " ( عبد الله بن جار الله ، 1410هـ ، ص 181 ) .
وقد حث النبي  صلى الله عليه وسلم  على الإكثار منها قولاً وعملاً ، وهو ما يؤكده الحديث الذي روي عن ثوبان  رضي الله عنه  أنه قال : سألت عن ذلك رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال : " عليك بكثرة السجود لله ؛ فإنّك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً ، وحطَّ عنك بها خطيئةً " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 1093 ، ص 202).
= ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق ، عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل ، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق ، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء ، والاقتداء بهدي النبوة المُبارك .= الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية : لما فيها من التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين ، قال تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ( سورة الحديد :الآية 11) . ولما يترتب على ذلك من تأكيد الروابط الاجتماعية في المجتمع المسلم من خلال تفقد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم . ثم لأن في الصدقة أجرٌ عظيم وإن كانت معنويةً وغير مادية فقد ورد في الحديث عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال : " على كل مُسلمٍ صدقة " . فقالوا : يا نبي الله ! فمن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " يُعين ذا الحاجة الملهوف " . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : " فليعمل بالمعروف وليُمسك عن الشر فإنها له صدقةٌ " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 1445 ، ص 233 ) .= الصيام لكونه من أفضل العبادات الصالحة التي على المسلم أن يحرص عليها لعظيم أجرها وجزيل ثوابها ، ولما روي عن صيام النبي  صلى الله عليه وسلم  في هذه الأيام المُباركة ؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي  صلى الله عليه وسلم  قالت : " كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يصوم تسعَ ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 2437 ، ص 370 ) .
وليس هذا فحسب فالصيام من العبادات التي يُتقرب بها العباد إلى الله تعالى والتي لها أجرٌ عظيم فقد روي عن أبي قتادة الأنصاري  رضي الله عنه  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  سئل عن صوم يوم عرفة فقال : " يُكفِّر السنة الماضية والباقية " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 2747 ، ص 477 ) .
= قيام الليل لكونه من العبادات التي حث النبي  صلى الله عليه وسلم  على المُحافظة عليها من غير إيجاب ، ولأنها من العبادات التي تُستثمر في المناسبات على وجه الخصوص كليالي شهر رمضان المُبارك ، وليالي الأيام العشر ونحوها. ثم لأن قيام الليل من صفات عباد الرحمن الذين قال فيهم الحق سبحانه : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ( سورة الفرقان :الآية 64) . لأنهم يستثمرون ليلهم في التفرغ لعبادة الله تعالى مُصلين مُتهجدين ذاكرين مُستغفرين يسألون الله تعالى من فضله ، ويستعيذونه من عذابه . = أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحج حيث إن عُمرة النبي  صلى الله عليه وسلم  كانت في أشهر الحج ، ولما ورد في الحث على الإكثار منها والمُتابعة بينها فعن أبي هريرة  رضي الله عنه  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال : " العُمرةُ إلى العُمرةِ كفارةٌ لما بينهما " ( رواه البُخاري ، الحديث رقم 1773 ، ص 285 ) .= زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة  وهي من الأعمال الصالحة المُستحبة للمسلم لعظيم أجر الصلاة في المسجد النبوي الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، لما روي عن أبي هريرة  رضي الله عنه  أنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : " صلاةٌ في مسجدي هذا ، خيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ؛ إلا المسجد الحرام " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 3375 ، ص 583 ) . ولما يترتب على زيارة المسلم للمسجد النبوي من فرصة زيارة قبر النبي  صلى الله عليه وسلم  وصاحبيه رضي الله عنهما والسلام عليهم وما في ذلك من الأجر والثواب . = التوبة والإنابة إلى الله تعالى إذ إن مما يُشرع في هذه الأيام المباركة أن يُسارع الإنسان إلى التوبة الصادقة وطلب المغفرة من الله تعالى ، وأن يُقلع عن الذنوب والمعاصي والآثام ، ويتوب إلى الله تعالى منها طمعاً فيما عند الله سبحانه وتحقيقاً لقوله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( سورة النور : من الآية 31 ) .
ولأن التوبة الصادقة تعمل على تكفير السيئات ودخول الجنة بإذن الله تعالى لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .  
* بعض الدروس التربوية المستفادة من أحاديث فضل الأيام العشر :
(1) التنبيه النبوي التربوي إلى أن العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله تعالى منه في غيرها ، وفي ذلك تربيةٌ للنفس الإنسانية المُسلمة على الاهتمام بهذه المناسبة السنوية التي لا تحصل في العام إلا مرةً واحدةً ، وضرورة اغتنامها في عمل الطاعات القولية والفعلية ، لما فيها من فرص التقرب إلى الله تعالى ، وتزويد النفس البشرية بالغذاء الروحي الذي يرفع من الجوانب المعنوية عند الإنسان ، فتُعينه بذلك على مواجهة الحياة .  (2) التوجيه النبوي التربوي إلى أن في حياة الإنسان المسلم بعض المناسبات التي عليه أن يتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكن تحقيقه بتُغيير نمط حياته ، وكسر روتينها المعتاد بما صلُح من القول والعمل ، ومن هذه المناسبات السنوية هذه الأيام المُباركات التي تتنوع فيها أنماط العبادة لتشمل مختلف الجوانب والأبعاد الإنسانية . (3) استمرارية تواصل الإنسان المسلم طيلة حياته مع خالقه العظيم من خلال أنواع العبادة المختلفة لتحقيق معناها الحق من خلال الطاعة الصادقة ، والامتثال الخالص . وفي هذا تأكيدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد إلى اللحد ، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحثين : " فالعبادة بمعناها النفسي التربوي في التربية الإسلامية فترة رجوعٍ سريعةٍ من حينٍ لآخر إلى المصدر الروحي ليظل الفرد الإنساني على صلةٍ دائمةٍ بخالقه ، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيته صفاءً وسلامةً " ( عبد الحميد الهاشمي ، 1405هـ ، ص 466 ) . (4) شمولية العمل الصالح المتقرب به إلى الله عز وجل لكل ما يُقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته ، سواءً أكان ذلك قولاً أم فعلاً ، وهو ما يُشير إليه قوله  صلى الله عليه وسلم  " العمل الصالح " ؛ ففي التعريف بأل الجنسية عموميةٌ وعدم تخصيص ؛ وفي هذا تربيةٌ على الإكثار من الأعمال الصالحة ، كما أن فيه بُعداً تربوياً لا ينبغي إغفاله يتمثل في أن تعدد العبادات وتنوعها يُغذي جميع جوانب النمو الرئيسة ( الجسمية والروحية والعقلية ) وما يتبعها من جوانب أُخرى عند الإنسان المسلم . (5) حرص التربية الإسلامية على فتح باب التنافس في الطاعات حتى يُقبِل كل إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير كالعبادات المفروضة ، والطاعات المطلوبة  من حجٍ وعمرةٍ ، وصلاةٍ وصيامٍ ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ ...الخ . وفي ذلك توجيهٌ تربويُ لإطلاق استعدادات الفرد وطاقاته لبلوغ غاية ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع والغايات الأُخروية المُتمثلة في الفوز بالجنة ، والنجاة من النار . (6) تكريم الإسلام وتعظيمه لأحد أركان الإسلام العظيمة وهو الحج كنسكٍ عظيمٍ ذي مضامين تربوية عديدة تبرزُ في تجرد الفرد المسلم من أهوائه ودوافعه المادية ، وتخلصه من المظاهر الدنيوية ، وإشباعه للجانب الروحي الذي يتطلب تهيئةً عامةً ، وإعدادًا خاصاً تنهض به الأعمال الصالحات التي أشاد بها المصطفى  صلى الله عليه وسلم  في أحاديث مختلفة ، لما فيها من حُسن التمهيد لاستقبال أعمال الحج ، والدافع القوي لأدائها بشكلٍ يتلاءم ومنـزلة الحج التي -لا شك –أنها منـزلةٌ ساميةٌ عظيمة القدر . (7) تربية الإنسان المسلم على أهمية إحياء مختلف السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياته ؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يولد الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من توجيهات النبوة التي حثت على ذلك ودعت إليه .
وليس هذا فحسب ؛ فهذه الأيام العظيمة زاخرةٌ بكثيرٍ من الدروس والمضامين التربوية ، التي علينا جميعاً أن نُفيد منها في كل جزئيةٍ من جزئيات حياتنا ، وأن نستلهمها في كل شأن من شؤونها ، والله نسأل التوفيق والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
 
@ @ @

المراجع :
-    القرآن الكريم .
-    أبو الفداء إسماعيل بن كثير . ( 1414هـ / 1993م ) . تفسير القرآن العظيم . ط ( 2 ) . دمشق : دار الخير .
-    أحمد بن حنبل الشيباني . ( د . ت ) . مُسند الإمام أحمد . مصر : مؤسسة قرطبة .
- أحمد بن نافع المورعي الحربي . ( د . ت ) . فضل الأيام العشر الأول من ذي الحجة ويليها نظرات في خطبة حجة الوداع وصفة الحج والعُمرة . مكة المكرمة : رابطة العالم الإسلامي : هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، مكتب مكة المكرمة .
- سليمان بن الأشعث السجستاني . ( د . ت ) . سُنن أبي داود . حكم على أحاديثه وعلق عليه / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .
-    عبد الحميد الهاشمي . ( 1405هـ / 1985م ) . الرسول العربي المربي . ط ( 2 ) . الرياض : دار الهدى للنشر والتوزيع .
- عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله . ( 1410هـ / 1990م ) . بهجة الناظرين فيما يُصلح الدنيا والدين . ط ( 4 ) . جدة : مكتبة السوادي للتوزيع .
- عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي . ( 1407هـ ) . سُنن الدارمي . تحقيق / فواز أحمد زمرلي  و خالد السبع العلمي . بيروت : دار الكتاب العربي .
-    علي بن أبي بكر الهيثمي . ( 1407هـ ) . مجمع الزوائد ومنبع الفوائد . القاهرة ، بيروت : دار الريان للتراث و دار الكتاب العربي .
-محمد بن إسماعيل البخاري . ( 1417هـ / 1997م ) . صحيح البخاري . الرياض : دار السلام .
- محمد بن جرير الطبري . ( 1415هـ / 1994م ) . تفسير الطبري من كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن . هذبه وحققه بشار عواد معروف و عصام فارس الحرشاني . بيروت : مؤسسة الرسالة .
- محمد بن حبان بن أحمد التميمي البُستي . ( 1414هـ / 1993م ) . صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان . تحقيق / شعيب الأرناؤوط . ط ( 2 ) . بيروت : مؤسسة الرسالة .
-محمد بن عيسى بن سورة الترمذي . ( د . ت ) . سُنن الترمذي . تعليق العلامة المُحدِّث / محمد ناصر الدين الألباني . الرياض : مكتبة المعارف للنشر والتوزيع .
-    مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري . ( 1419هـ / 1998م ) . صحيح مُسلم . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع . 

هناك 6 تعليقات:

اخبار مصريه يقول...

اللهم اغفر لنا زنوبنا

اخبار سياسية يقول...

الصيام فى العشرة الاولى انشاء الله
ربنا يتقبل منا جميعا

اخبار مصرية يقول...

اللهم اعنا وبلغان صيام عرفات

وظائف خالية يقول...

بارك الله بكم على ذكر المراجع
وفقكم الرحمن لما فيه الخير والصلاح :)

توب موفيز يقول...

مقال رااااااااائع

أخبار اليوم يقول...

تسلم ايديك