اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   ..   ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

31‏/05‏/2014

كيف ننجو قبل الهلاك / محمد صالح المنجد

النبذة :من أسباب العذاب كثرة الخبث، وتطفيف المكيال والميزان، وأعظم الخبث خبث العقيدة وما تنطوي عليه القلوب من الشرك، والعقائد الباطلة، فإن هذا أعظم أسباب نزول العذاب، ولذلك لا بد من الأخذ بأسباب النجاة، فمن رأى سنن الله وما حصل في الماضي، وما يحصل في الحاضر لا بد وأن يأخذ بأسباب النجاة.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار
أسباب العذاب
عباد الله:
لقد سأل صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبيهم سؤالاً عظيماً لما قال لهم مرة: (لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، فكان السؤال من زينب -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قالت: "أنهلك وفينا الصالحون"، فأجابها عليه الصلاة والسلام بقوله: (نعم)، وذكر متى يكون ذلك بقوله: (إذا كثر الخبث)والخبث في كلام العلماء الباطل، والشر، والفحش، وأولاد الحرام، وكذلك النجاسة فهذه أيضاً الخبائث كالخمر فهي أمها، والخبيث الرديء، والفاسد، والمكروه، والخبائث والخبث المعاصي عموماً، والفواحش خصوصاً كل ذلك من الأسباب، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- للهلاك أيضاً ما ورد في حديثه: (ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله).
ومن الأسباب أيضاً تطفيف المكيال والميزان فإن الله -سبحانه وتعالى- أهلك قوم شعيب بشركهم، وبمنكرهم هذا أيضاً وهو التطفيف، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ سورة الشعراء183، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: "إذا جئت أرضاً يوفون المكيال والميزان فأطل المقام فيها، وإذا جئت أرضاً ينقصون المكيال والميزان فأقلل المقام بها" أي: أنها على خطر من عذاب الله -سبحانه وتعالى-
قال سعيد بن المسيب رحمه الله: "إذا جئت أرضاً يوفون المكيال والميزان فأطل المقام فيها، وإذا جئت أرضاً ينقصون المكيال والميزان فأقلل المقام بها" أي: أنها على خطر من عذاب الله -سبحانه وتعالى-
وأعظم الخبث ولا شك خبث العقيدة وما تنطوي عليه القلوب من الشرك، والعقائد الباطلة، فإن هذا أعظم أسباب نزول العذاب ولا شك، وكثرة الخبث المجون والمنكرات، وكلمة كثرة تدل على الشيوع والظهور، فإنها ليست مستترة، وليست عند آحاد، بل إنها شائعة، وأعظم ذلك المجاهرة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-(كل أمتي معافى إلا المجاهرين)قال بلال بن سعد رحمه الله: "إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة" فيكون إهلاك الجميع عند ظهور المنكر وإعلانه، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:"كان يقال إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم" وهذا عمل المنكر جهاراً يؤذن بعقوبة الله -سبحانه - لهؤلاء الذين مروا ولم يغيروا، رأوا ولم ينكروا، وكذلك كثرة الخبث عبارة تدل على إقرار المنكر، والاعتراف به، وقد قال الله: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً سورة الأنفال25، وقد ذكر ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسيرها أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب، وعندما يصبح الكفر وتصبح الردة حرية، ويصبح العري ويصبح المجون والخنا والفحش والغناء فنوناً، وعندما تقع هذه الاختراقات لحدود الله -سبحانه وتعالى- فإن هذا ولا شك يعرض الجميع لعقاب الله، فإن الله أنزل شرعاً ليتبع، وحد حدوداً لتحترم، ولا تنتهك له حرمات سبحانه وتعالى وهو يغار، (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة) ، وهذا الحديث رواه أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وحسنه الحافظ رحمه الله، وقال ابن عبد البر: وهذا معناه إذا قدروا وكانوا في عز وامتناع عن الأذى، يعني فأقروا ولم يغيروا، وفيه تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي، فكيف بالمداهن، والمقر، والراضي، ولو لم يشارك، فكيف بالمعاون، فكيف بمن يعمل، فكيف برأس الشر، وعدم الاستجابة والاكتراث دليل على ضعف الإيمان ووهنه، فإنهم يرون حدود الله تنتهك فلا يغارون، ويرون المعاصي تفعل فلا يغيرون، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمر ربنا سبحانه وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا له نصيب واضح في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري)فإن الله يصيبهم بذلك، والناس أقسام في هذا فمنهم من يغير ومنهم من ينكر بالقلب لعدم القدرة على التغيير، ومنهم من يسكت، ومنهم من يداهن، ومنهم من يعاون ويشارك ويفعل، ويجب التفريق بين حالين في الصالحين إذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة، أو إذا لم يستطيعوا فكان الإنكار بالقلب وبعثهم على أعمالهم الصالحة حكم عدل، فهم إذا لم يغيروا مع القدرة يهلكون، ويكون عذابهم في الدنيا ما أصاب غيرهم وقد دخلوا فيهم ومعهم فيهلكون معهم ويبعثهم الله -سبحانه وتعالى- على أعمالهم ونياتهم، وعنده الميزان، وأما الذي لم يستطع فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يؤاخذه، وقد سألت عائشة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال: (إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل الأرض بأسه) قالت: "وفيهم أهل طاعة الله -عز وجل-" قال: (نعم، ثم يصيرون إلى رحمة الله تعالى)رواه أحمد قال الهيثمي: رجال إسناده رجال الصحيح. فهذا يدل على أن غير المنكرين لا ينجون كما قال الله: أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ سورة الأعراف165فإذن الذي ينهى ينجو، والذي لا ينهى مع القدرة يشمله العذاب، ثم يبعث كل إنسان على ما مات عليه، وهذا العذاب أنواع فمنه الخسف، خسف الأرض وذهاب ظاهرها أسفل وما عليها من الناس والبيوت والزراعة ونحوها فتذهب النفوس والأموال، وكذلك المسخ، وتغيير الصورة إلى أقبح كما فعل الله ببني إسرائيل من أصحاب السبت فإنه مسخ القوم قردة وخنازير، وكذلك القذف رجم بحجارة من السماء، وقد قال الله: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ سورة النحل45، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (يكون في آخر الأمة خسف ومسخ وقذف) يكون في آخر الأمة وهذا آخر الأمة ولا شك يكون في آخر الأمة خسف ومسخ وقذف، قالت عائشة: "قلت يا رسول الله: "أنهلك وفينا الصالحون" قال:(نعم إذا ظهر الخبث)رواه الترمذي وهو حديث صحيح وقد جاء الوعيد لأهل المعازف، والغناء، وشراب الخمور بهذا كما رواه البخاري في صحيحه معلقاً مجزوماً به. ، وأن بعض الناس يتركون هؤلاء على لهو وغناء وقينات يعني راقصات وخمر، ثم يرجعون فلا يجدون، ومن العقوبات الإلهية كذلك الزلازل قال الله تعالى: أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِسورة الملك17وكذلك من العقوبات فساد الزروع والثمار والهواء والبيئة وهو ما يعرف اليوم بالتلوث، قال الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ سورة الروم41 هذا التلوث ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس فلماذا فسدت زروعهم فسدت ثمارهم، فسد هواؤهم، فسد جوهم، فسدت صحتهم، ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ومن جراء هذا الفساد في البر والبحر أمراض السرطانات المتنوعة التي تحدث جراء ذلك، ظهر الفساد في البر والبحر هذا التلوث والتغير السيء إنما هو بما كسبت أيديهم، وهذا عقوبة من الله، ولذلك قال في الآية لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ولو أذاقهم كل الذي عملوا ما ترك على ظهرها من دابة، وكذلك من العقوبات الجماعية ما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطواعين والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)فهذه طواعين جديدة، وأوجاع لم يكن للبشرية بها عهد سابق بالإضافة إلى ما كان لها به عهد سابق قال:(ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين) أي القحط  (وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم) فهذا التسليط للكفار على المسلمين المشاهد اليوم إنما هو من جراء نقض عهد الله وعهد رسوله وقد قال الله:   وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَاسورة النحل91قال: (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) وهذا ما يكون من الاقتتال بين بعضهم البعض، وقد ذكر الله هذا النوع من العذاب في قوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ سورة الأنعام65فهذه عقوبات للخروج عن المنهج الإلهي، وترك الأحكام الربانية، والتفريط في الواجبات، وغشيان المحرمات، فعندما تنتشر وتظهر ويجاهر بها تأتي هذه العقوبات، وترى في الأرض كثيراً منها، ولكن من المتعظ، والأمر كما قال الله: وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا سورة الإسراء60ويصيب بعض الناس أشياء فترى الآخرين في غفلة، وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ سورة يس45أنتم ترونهم أمامكم ووراءكم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم من عذاب الله اتقوه نزل وحصل لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ سورة يس46.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، ونسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، والنظر إلى وجهك الكريم في جناتك جنات النعيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله أشهد ألا إله إلا الله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وذريته وأزواجه وصحابته وخلفائه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك الأمين.
الأخذ بأسباب النجاة.
عباد الله:
إن من سنن الله وقوانينه في العالم إهلاك القرى التي تخرج عن أمره -سبحانه وتعالى- وهذه سنة ماضية فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا سورة فاطر43، إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ سورة يونس44فهو سبحانه لا يهلك قرية ولا يعذب أحداً إلا بعد الإعذار والإنذار ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ سورة الأنعام131فلا يهلكهم دون تنبيه ولا تذكير ولا إقامة حجة، ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب -سبحانه وتعالى- ليس بظلام للعبيد، وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ سورة الشعراء 208-209، وقال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً سورة الإسراء15فإذا عصوا الرسل وخرجوا عن منهج الله أتاهم الله بالعقوبة وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ سورة الأعراف4إما في مبيت نوم الليل، أو القيلولة نوم النهار، وهذا معنى قائلون من القيلولة فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ سورة الأعراف5وهذا الإهلاك للقرى سببه الكفر بالله، والتكذيب بآياته وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ سورة الأعراف96وهكذا فإنه -سبحانه وتعالى- يضرب الأمثال القرى التي تجحد نعمة الله وتترك شكرها وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ سورة النحل112فهؤلاء لم ينسبوا النعمة إلى المنعم ولم يشكروه عليها باستعمالها في طاعته، بل استعملوها في معصيته، وحصل فيهم الأشر والبطر، ولذلك قال ربنا: وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ سورة القصص58كانت هنالك أمم وممالك بلدان وعواصم إرم ذات العماد أين هي، وكذلك حاضرة قوم ثمود أين هي، وأين حاضرة قوم لوط، وقوم شعيب، وغيرهم من الأمم أهلك الله من اليونان والرومان وغيرهم من الفينيقيين، والآشوريين، والبابليين، والفارعنة، وأقوام باليمن كسبأ، ونحو ذلك في العالم بسبب ظلمهم منهم من سلط عليه الطوفان والسيل، أغرق قوم نوح وفرعون، وكذلك سبأ بالماء، وبظلمهم وبغيهم،  وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ سورة القصص59ويملي الله لهذه القرى، والمقصود بالقرى المدن على مختلف أحجامها واتساعها كلها في لغة العرب قرى، وأم القرى مكة لتنذر أم القرى ومن حولها وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ سورة الحج48فيؤخر منها ما يؤخر فتبقى سنوات طويلة، ولكن في النهاية يأتيها ما يأتيها، وقد حصل في الحربين العالميتين من إهلاك عواصم وقرى ومدن كثيرة في الأرض بسبب ما حصل منهم من الكفر والفجور وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ سورة الحج48، وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا سورة الكهف59هذه سنة حتمية نازلة سبق قضاء الله تعالى بها ما من قرية كما ذكر الله -سبحانه وتعالى- وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِأو إذا لم يحصل الإهلاك العام الشامل أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا سورة الإسراء58لا ينجي إلا طاعة الله، نينوى قرية قوم يونس نذر العذاب بدأت وانعقدت فخرجوا خلف نبيهم يجأرون إلى الله إلا قوم يونس لما آمنوا كشف الله عنهم ذلك لأنه لم يحصل النزول الحقيقي المباشر، وانعقدت النذر للعذاب ولم ينزل فلو نزل لا يرفع أبدا وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا سورة الإسراء16، ولذلك فإنه يجب على المسلمين وهم يرون ماذا يحل بالعالم من فساد، وخراب، وما يحل من حروب، واضطرابات، وفوضى أن يرجعوا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، وإن الله شديد العقاب قذفاً وخسفاً ومسخاً وإغراقاً، وصيحة، وما هي من الظالمين ببعيد، وطاعوناً، وأوبئة يرسلها وفساداً في التربة والبيئة وتسليطاً، وكذلك فتنة تكون بينهم فيقتل بعضهم بعضاً
يجب على المسلمين وهم يرون ماذا يحل بالعالم من فساد، وخراب، وما يحل من حروب، واضطرابات، وفوضى أن يرجعوا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، وإن الله شديد العقاب قذفاً وخسفاً ومسخاً وإغراقاً، وصيحة، وما هي من الظالمين ببعيد، وطاعوناً، وأوبئة يرسلها وفساداً في التربة والبيئة وتسليطاً، وكذلك فتنة تكون بينهم فيقتل بعضهم بعضاً
، لقد أبقى الله أطلالاً من آثار المدن السابقة يراها من بعدهم ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد، فتشاهد آثاراً للفراعنة وآثاراً لأقوام بادوا الأحقاف مدائن صالح آثار باليمن، وأخرى بالشام، وتركيا، والعراق، وغيرها في أنحاء الأرض فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ سورة الحج45بناء بلا سكان آثار، وأطلال، وآبار لا يستقي منها أحد لم يحلم أهل ذلك البناء على شدته بأن ينزل بهم البأس فنزل، وكأن الله تعالى يعظ كفار العرب ومشركيهم وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا سورة الفرقان40وكانت الآيات تقرعهم وتقول: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ سورة الصافات137-138أبقى الله السفينة مدة من الزمن وأبقى جثت فرعون مدة من الزمن وليس لأحد عند الله عهد أن ينجيه من عذاب إذا كان من الخارجين عن شرعه ولذلك قال لكفار العرب: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أي الذين أهلكناهم أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ سورة القمر43،  وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ  سورة يوسف110، وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ *فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ* لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ سورة الأنبياء10-15، وقد يأتي العذاب فجأة، أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ سورة الأعراف97-99وقد يأتي العذاب على توقع وقد انعقدت نذره، قال تعالى: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍسورة النحل47ما معنى على تخوف توقع نزل العذاب ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه يقول :(يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رآى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا) ولذلك لا بد من الأخذ بأسباب النجاة من رأى سنن الله وما حصل في الماضي وما يحصل في الحاضر لا بد وأن يأخذ بأسباب النجاة؛ الإيمان، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَسورة يونس103، وقال -سبحانه:فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا سورة يونس98، وأيضاً الاستغفار وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ سورة الأنفال33فالاستغفار أمان والتضرع إلى الله أيضاً فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ سورة الأنعام43جأروا ألحوا أقبلوا على الله دعاء مع خشية تضرع دعاء مع خوف تضرع، ومن أعظم الأسباب الواقية من نزول العذاب المهلك المدمر من أعظم الأسباب الإصلاح وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَسورة هود117إصلاح الفساد تغيير المنكر الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف النهي عن المنكر فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ سورة الأعراف165وهذا حديث السفينة إذا أرادوا أن يخرقوا فتركوهم غرقوا وغرقوا جميعا (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ سورة النور63.
اللهم إنا نعوذ بك من سخطك وعقابك يا رب العالمين، اللهم هيء لنا من أمرنا رشداً، اللهم أصلحنا يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا عاملين بشرعك، قائمين بأمرك منتهين عما حرمت، اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان لبلدنا هذا، وبلاد المسلمين، اللهم اجعلها قائمة بأمرك، محكمة لشرعك، عامرة بذكرك، يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وارحم ضعفنا واجبر كسرنا اللهم أصلح أمرنا اللهم أرشدنا وتب علينا وتولى أمرنا يا أرحم الراحمين اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب اللهم ارفع البأس عن إخواننا المستضعفين، اللهم ارفع البأس عن إخواننا المستضعفين، اللهم ارفع البأس عن إخواننا المستضعفين ليس لها من دونك كاشفة، فاكشف ما نزل بهم من ضر يا أرحم الراحمين، اكشف ما نزل بهم من ضر يا رب العالمين، اكشف ما نزل بهم من ضر إنك على كل شيء قدير، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
1 - رواه البخاري3346.
2 - روه أحمد 3809.
3 - رواه البخاري6069.
4 - رواه أحمد17720.
5 - رواه أحمد5114.
6 - رواه أحمد24133.
7 - رواه الترمذي2185.
8 - رواه البخاري5590.
9 - رواه ابن ماجه4019.
10 - رواه البخاري4829.
11 - رواه أبو داود4338.

http://almunajjid.com/khotab/8803

ليست هناك تعليقات: