بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه الذي هيّأ
لعباده سبل الهداية ، ويسّر لهم دروب الاستقامة ، وفتح لهم أبوبا رحمته.وصلّي
اللهم وبارك على خاتم النبيين، المرسل للعالم أجمعين محمدٍ بن عبد الله وعلى آله
وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين. أما
بعدُ:
فقد
راعني ما رأيت عند أحد العاملين بمهنة دهان السيارات ، يستخدم الصحف اليومية التي
تزخر صفحاتها بآيات قرآنية وأحاديث خير البرية لتغليف السيارات وتجهيزها للدهان،
فكلمته والغضب يملأ كياني ونهرته وأنبته فما كان منه إلأ أن أجابني :الصحف تملأ
المكان والكل يدوسها والأكثرية يجعلون
منها فُراشا يأكلون عليها..... وأنا أحرق الصحف بعد الانتهاء منها .. أين الخطأ في
ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟
سؤال وجبت الإجابة عليه، قال تعالى (( وما قدروا الله حق قدره والأرضُ جميعاً
قبْضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون))
إن تعظيم اسم الله
واجب، وإهانته كُفرٌ، ومن إهانته وضع الصحائف التي تحمِلُه في مكان القاذورات.
وقد بلغ أحد السلف ـ
وهو عَلَمٌ من أعلام أهل السّنة ـ مبلغا كبيرا وذاع صيته وعلا شأنه وذلك بتعظيمه
ورقة رفعها من الأرض كانت مرمية كُتب فيها ( بسم الله الرحمن
الرحيم
)، إنه بشر بن الحارث الحافي رحمه الله، فهو يروي قصته مع هذه الورقة.
روى
أبو نعيم بسنده قال: سمعت عبدالله بن محمد بن جعفر يقول: سمعت عبدالله بن محمد
يقول: سمعت محمد بن داود الدينوري يقول: سمعت محمد بن الصلت يقول: سمعت بشر بن
الحارث وسئل ما كان بدء أمرك لأن اسمك بين الناس كأنه اسم نبي؟ قال: هذا من فضل
الله! وما أقول لكم ؟! كنت رجلا عيارا صاحب عصبة فجزت يوما فإذا أنا بقرطاس في
الطريق فرفعته فإذا فيه( بسم الله الرحمن الرحيم ) فمسحته وجعلته في
جيبي وكان عندي درهمان ما كنت أملك غيرهما فذهبت إلى العطارين فاشتريت بهما غالية
ومسحته في القرطاس فنمت تلك الليلة فرأيت في المنام كأن قائلا يقول لي يا بشر بن
الحارث رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة ثم كان ما
كان" .
"الحلية"
(8/336) لأبي نعيم، وأخرجه بسنده أيضاً؛ أبو محمد ابن قدامة المقدسي في كتابه
"التوابين" (ص/210).
فعظموا الله تعالى
أيها المسلمون في قلوبكم؛ يرفعنا ربنا تبارك وتعالى في الدرجات العُلى، وربوا
أبناءكم على ذلك و ازرعوا في قلوبهم تعظيم شعائر الله عز وجل.
إن فيها من أسماء
الله الحسنى وبما فيها من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، والبعض من أصحاب
المحلات يجعلونها لفافات للأطعمة أو
البضائع والحاجيات والبعض الآخر يجعلها أداة تنظيف للزجاج وغيره؛ بحجة أنها أجيد
وسيلة لذلك.
ـ الله أكبر الله
اكبر قويت همتهم في الدنيا وضعف في قلوبهم تقوى الله تعالى!
فالقرآن كلام الله
تبارك وتعالى أنزله على عبده ورسوله محمّد صلى الله عليه وسلم ليكون هدىً ونوراً
للعالمين إلى يوم القيامة، وقد أكرم الله تعالى صدر هذه الأمة بحفظه في الصدور
والعمل به في جميع شؤون الحياة والتحاكم إليه في القليل والكثير، ولا يزال فضل
الله- سبحانه- ينزل على بعض عباده فيعطون القرآن حقه من التعظيم والتكريم حساً
ومعنى ولكن هناك طوائف كبيرة وأعداد عظيمة ممن ينتسب إلى الإسلام حرمت من القيام
بحق القرآن العظيم وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخشى أن ينطبق بحق على
كثير منهم قوله تعالى: { وقال الرَّسول يا ربِّ إنَّ
قَوْمي اتَّخذوا هذا الْقُرآن مَهجوراً } [الفرقان: 3]
سؤال: ذكر السائل: أن
بعض الجرائد يكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وأنها ترمى بالشوارع، وبعض الناس
يستعملها للتنظيف، فما حكم ذلك؟
الجواب: كتابة بسم
الله الرحمن الرحيم مشروعة في أول كتب العلم والرسائل، فقد جرى على ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مكاتباته، واستمر على ذلك خلفاؤه وأصحابه من بعده، وسار
عليه الناس إلى يومنا هذا، فتعظيمها وصيانتها واجبان، وإهانتها محرمة، والإثم على
من يهينها؛ لأنها آية من كتاب الله جل وعلا وبعض آية من سورة النمل، ولا يجوز لأحد
أن يستعملها في التنظيف أو اتخاذها
سفرة أو ملفا للحوائج، كما لا يجوز إلقاؤها
بالزبالات والقمائم.
وبالله التوفيق. وصلى
الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
إجابة "اللجنة
الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" فتوى رقم: (1283) "فتاوى اللجنة
الدائمة" (4/75).
عضو: عبد الله بن
غديان. نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي. الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الطريقة السليمة
والمثلى في التخلص وإتلاف هذه الأوراق سواء جرائد او مجلات أو كتب قديمة وقد
انتهينا من قراءتها وليس لنا حاجة فيها ونستعرض بعض فتاوى العلماء الأكابر في ذلك
وفي مقدمة الفتاوى وعلى رأسها فعل الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه
وأمره:
فعَن أنَس بن مَلِكً
رَضِيَ اللهُ عنْه، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ
وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ
مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ
فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ
الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا
بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ
بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ
بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ
بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ
الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ
بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ
عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ
مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ
مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ ).
أخرجه البخاري (4702).
هكذا أمر عثمان رضي
الله عنه بحرق المصاحف التي لا يحتاجون إليها بعد أن جمع القرآن في مصحف واحد، ولم
يُنكر عليه أحدٌ من الصحابة رضي الله عنه؛ فكان ذلك إجماعا منهم .
فتاوى العلماء:
سؤال: عندي مصحف شريف
أوراقه ممزقة، فماذا أعمل به؟ هل أقوم بدفنه في الأرض أم لا؟
الجواب: يجوز لك أن
تدفنه في أرض مسجد ما من المساجد، ويجوز لك أن تحرقه؛ اقتداء بعثمان رضي الله عنه.
وبالله التوفيق. وصلى
الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
إجابة "اللجنة
الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" السؤال السادس من الفتوى رقم ( 968 )
"فتاوى اللجنة" (4/98) جمع الدويش طبعة "المعارف" 1412هـ.
عضو/ عبد الله بن عبد
الرحمن بن غديان. نائب رئيس اللجنة / عبد الرزاق عفيفي. الرئيس/ إبراهيم بن محمد
آل الشيخ.
سؤال: ما واجب المسلم
تجاه القطع والقصاصات الورقية التي بها آيات قرآنية، ومن أحاديث الرسول صلى الله
عليه وسلم الملقاة في الشوارع والطرقات؟
الجواب: ما رؤي فيه
آية من كتاب الله من المصحف و الأوراق، وكذلك ما فيه شيء من حديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم، أو شيء من ذكر الله عز وجل أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو
لأسماء الله وصفاته – فإنه يأخذه ويرفعه أو يحرقه أو يدفنه في أرض طيبة ليست
طريقاً للناس، ولا يلقيه في الأرض؛ لأن ذلك يعد امتهاناً لكتاب الله عز وجل.
وبالله التوفيق، وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
إجابة "اللجنة
الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" السؤال الثالث من الفتوى رقم (15917)
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/42) جمع الدويش طبعة الإفتاء الوقفية الأولى
1426هـ.
عضو/ بكر أبو زيد
عضو/ صالح الفوزان عضو/ عبدالله بن غديان نائب الرئيس/عبد العزيز آل الشيخ
الرئيس/عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق