يوسف بن تاشفين 400-500هـ /1009- 1106م[1]
يوسف بن تاشفين بن إبراهيم بن تورفيت بن وارتقطين بن منصور بن مصالة بن أمية بن واتلمي بن تامليت الحميري من قبيلة لمتونة الصنهاجية و أمه بنت عم أبيه فاطمة بنت سير بن يحيى بن وجاج بن وارتقطين. كانت قبيلته تسكن المنطقة الممتدة من وادي نون إلى رأس موغادور إلى مدينة ازكي شرقا، و كانت المناطق الشمالية مقرا لبني و ارتنطق حول المدينة المذكورة فلا بد أن يكون يوسف قد ولد في تلك المنطقة و قد عرفت قبيلته بالسيادة و بسطت سيطرتها على صنهاجة، و استطاعت الاحتفاظ بالرئاسة منذ أن جعلها فيها الإمام ابن ياسين بعد وفاة الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي، لذلك فإن المنزلة الاجتماعية التي ترعرع في ظلها هذا الأمير بدت مظاهرها واضحة في سلوكه و على حد قول أشباخ خلق للزعامة[2].
ملك له شرف العلي من حمير و إن اتهموا صنهاجة فهم هم[3]
كان يوسف أسمر اللون نقيه معتدل القامة نحيف الجسم خفيف العارضين رقيق الصوت أكحل العينين أقنا الأنف، له وفرة تبلغ شحمة الأذن، مقرون الحاجبين أجعد الشعر[4].
كان يجمع بين جمال الطلعة و جمال الجسم و بين أبدع المواهب. كان بطلا شجاعا نجدا حاذقا جوادا كريما زاهدا في زينة الدنيا عادلا متورعا متقشفا- لباسه الصوف طعامه خبز الشعير و لحوم الإبل و ألبانها[5]، يأكل من عمل يده عزيز النفس كثير الخوف من الله[6].
كانت تسكن جسده نفس معتدلة و عاطفة و قادة فكر نافذ، واتته الأحداث فشحذت مواهبه، و احتك بمستويات حضارية تتراوح بين أهل الصحراء و أهل الأندلس، فكان له تقييم صادق لكل منهما، و خاض حروبا لا عهد له ببعضها فبرهن عن حسن تفهم و ابتكار، و كانت شهامته و شغفه بالحرب يصبغان عليه خلال الفروسية، و احتقاره لمظاهر الترف تكسبه محبة شعبه و تقوي في نفوسهم عواطف التوقير و الشرف[7]. كان حليما يحب الصفح عن الذنوب مهما كبرت ما عدا الذين يرتكبون الخيانة بحق الدين فلا مجال للعفو عنهم.
يوسف بن تاشفين رجل صحراوي يتصف بعادات الصحراء و تقاليدها، ذو تفكير أصيل يمثل رجولة لا تزال في تقاليدها قائمة في بعض أجيالنا الأصيلة المحافظة.
تلقى يوسف العلوم في طفولته من أفواه المحدثين و الوعاظ، إذ أن المدارس كانت نادرة في الصحراء، و لم يتعمق في العلوم الدينية، لأن المسائل المعقدة كانت من مهام الفقهاء. ففي بلد صحراوي حيث الحياة صعبة لم يكن أفناء السنين في اكتساب القراءة و الكتابة أمرا ذا بال و لو تم ذلك- و هذا نادر جدا- لما كان له مجال واسع في الحياة اليومية، و قد تلقى ثقافة شعبية زاولها حتى أضحت لديه أثرا عاديا عمل على تنقيتها بما كان يسمع من العلماء و الفقهاء، و من البديهي أن يكون يوسف قد نال نصيبا من ثورة ابن ياسين الثقافية و يمكننا القول بأن يوسف قد عاش متعلما سواء في قلب الصحراء في بداية حياته[8] و إبان دعوة ابن ياسين و كذلك و هو يخوض معارك الجهاد، لقد كان متعلما في الحدود التي نجدها لدى الساسة و رجال الحرب في ذلك الوقت.
لم تؤثر قساوة الصحراء و خشونتها على إحساس يوسف فقد كان مرهف الشعور يتعشق الجمال أينما وجد و يختار نساءه من الجميلات، و أولى زوجاته زينب بنت إسحاق النفزاوية و هي من أسرة كانت تعمل بالتجارة اقترن بها يوسف بن علي بن عبد الرحمان بن وطاس شيخ وريكة، و بعده تزوجها لقوط بن يوسف بن علي المغراوي أمير غمات. و بعد مقتله تزوجها الأمير أبو بكر بن عمر و بقيت عنده ثلاثة أشهر[9]. و لما عزم على السفر إلى الصحراء، و قال لها: أنت امرأة جميلة بضة لا طاقة لك على حرارة الصحراء، و إني مطلقك فإذا انقضت مدتك فانكحي ابن عمي يوسف بن تاشفين[10]. و قد اقترن بها يوسف بعد تمام مدتها. كانت زينب بنت إسحاق مشهورة بالجمال و الرئاسة[11] بارعة الحسن حازمة لبيبة ذات عقل رصين و رأي سديد و معرفة بإدارة الأمور، فكانت القائمة بملك زوجها الأمير يوسف و المدبرة لأمره حتى وفاتها عام 464هـ/ 1081م[12] و بعد وفاة زينب تزوج الأمير يوسف من سيدة أندلسية تدعى قمر و لا تذكر كتب التاريخ عنها شيئا و الظاهر أن سيرة زينب طغت على نساء يوسف، و يقال أنها أنجبت الأمير علي ولي العهد و أمير الأندلس و المغرب بعد والده.
و اقترن يوسف بسيدة تدعى عائشة أنجبت الأمير محمد الذي نسب إليها فسار يدعى محمد بن عائشة.
ورزق يوسف عددا من الأولاد بكرهم تميم الذي توفي غداة معركة الزلاقة و كان واليا على سبتة و علي خليفته من بعده، و إبراهيم، و محمد الذي كان أحد القادة البارزين في جيش والده، و يشير ابن عذاري إلى ولادة ابن له من زينب النفزاوية سماه الفضل.
أما بناته فهما كونة و رقية-.
[1] - ابن عذاري : البيان المغرب ج 4 ص 46- الحلل ص 13- روض القرطاس ص 87- نخب تاريخية ص 30 جذوة الاقتباس ج 2 ص 545
[2] - الأندلس في عهد المرابطين و الموحدين ص 65.
[3] - وفيات الأعيان ج 7 ص130- نخب تاريخية ص 31 و البيت للكاتب أبي محمد بن حامد- جذوة الاقتباس ج 2ص 545.
[4] - بن أبي زرع: روض القرطاس ص 87- جذوة الاقتباس ج2 ص545- شذرات الذهب ص 412.
[8]- لم تخل الصحراء من فقهاء محليين، فالفقيه الصحراوي الجوهر بن سكن قاد المؤامرة ضد الإمام ابن ياسين.
[9]- روض القرطاس ص 85- الاستقصا ج1 ص103.
[10]- روض القرطاس ص76 – العبر ج6 ص 183 الاستقصا ج1 ص105- دائرة معارف القرن العشرين. مادة لثم ص321 – البستاني: دائرة المعارف: مادة أبو يعقوب ص237 البيان المغرب ج4 ص221
[11]- الاستقصا ج1 ص103 – العبر ج6 ص183.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق