سلسة يومية
صوم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة
صوم أحمد بن حنبل إمام أهل السنة
(معلِّم الخير كما حكى يحيى بن معين وقال: والله ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد وعلى طريقة أحمد)
قال ابن المديني: أحمد بن حنبل سيدنا
وقال: اتخذ أحمد بن حنبل إمامًا فيما بيني وبين اللهوقال: إن الله عز وجل أعزَّ هذا الدين برجلين لا ثالث لها أبو بكر الصديق يوم الردة وأحمد بن حنبل يوم المحنة
وقال أبو عبدي القاسم بن سلامك: أحمد بن حنبل إمامنا إني لأتزين بذكره
وقال إسحاق بن راهويه: لولا أحمدُ بن حنبل وبَذْلُ نفسه لمَّا بذلَهَا لَذَهَبَ الإسلام
وقال بشر بن الحارث: إن هذا الرجل قام اليوم بأمرٍ عَجَز عنه الخلق أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه ومن فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله إن أحمد بن حنبل طار بحفظها وغنائها في الإسلام
وقال أبو ثور: كنت إذا رأيت أحمد بن حنبل خيل إليكم أن الشرعية لوح بين عينيه
"قال إبراهيم بن هانئ وكان أبو عبد الله حيث تَوارَى من السلطان توارى عنده فحكى أنه لم يرد أحد أقوى عل الزهد والعبادة وجهد النفس من أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال: كان يصوم النهار ويعجل الإفطار ثم يصلي بعد العشاء الآخرة ركعات ثم ينام نومة خفيفة ثم يقوم فيتطهر ولا يزال يصلي حتى يطلع الفجر ثم يوتر بركعة وكان هذا دأبه طول مقامه عندي ما رأيته فتر ليلة واحدة وكنت لا أقوى معه على العبادة وما رأيته مفطرًا إلا يومًا واحدًا أفطر واحتجم"
بعد خروج الإمام أحمد إلى العسكر بعد انقضاء ما اتهم به "قال أبو بكر المروزي: قال: قال لي أحمد بن حنبل ونحن بالعسكر: لي اليوم ثمان منذ لم آكل شيئًا ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق فربما شربه وربَّما ترك بعضه وكان إذا ورد عليه أمر يُهمُّه لم يَطعَم ولم يُفطِر إلا على شربة ماء
قال صالح بن أحمد: جعل أبي يواصل الصوم يُفطِر في كل ثلاث على تمر شهرين فمكث بذلك خمسة عشر يومًا يفطر في كل ثلاث ثم جعل بعد ذلك يفطر ليلة وليلة لا يفطر إلا على رغيف
وكان إذا جيء بالمائدة توضع في الدهليز لكي لا يراها فيأكل من حضر وكان إذا أجهده الحر تلقى له خرقة فيضعها على صدره
قال أبو بكر المروزي: أنبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل فإذا هو قاعد فقال: هو ذا يُدارُ بي من الجوع فأطعمني شيئًا فجئته بأقل من رغيف فأكل ثم قال: لولا أني أخاف العَوْن على نفسي ما أكلت وكان يقوم من فراشه إلى المخرَج فيقعد يستريح من الضعف من الجوع حتى إن كنت لأبل له الخرقة فيلقيها على وجهه لترجع إليه نفسه
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يومًا ما ذاق شيئًا إلا مقدار ربع سويق في كل ليلة كان يشرب شربة ماء وفي كل ثلاث يستف حفنة من السويق فرجع إلى البيت ولم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر ورأيت مآقيه قد دخلا في حدقتيه
وقال أبو بكر المروزي: كان أبو عبد الله بالعسكر يقول: انظر هل تجد لي ماء الباقلاء؟ فكنت ربما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح ومنذ دخلنا العسكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبيخًا ولا دسمًا
قال أبو بكر المروزي: قال لي أبو عبد الله ونحن بالعسكر: ألا تعجب كان قُوتِي فيما مضى أرغفة وقد ذهبت عني شهوة الطعام فما أشتهيه قد كنت في السجن آكل وذلك عندي زيادة في إيماني وهذه نقصان وقال لنا يومًا ونحن بالعسكر: لي اليوم ثمان لم آكل شيئًا ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق وكان يمكث ثلاثًا لا يطعم وأنا معه فإذا كان الليلة الرابعة أضع بين يديه قدر نصف ربع سويق فربما شربه وربما ترك بعضه
وكلم في أمره في الحمل على نفسه فقيل له: لو أمرت بقدر تطبخ لك ليرجع إليك نفسك فقال: الطبيخ طعام المطمئنِّين مكث أبو ذر ثلاثين يومًا ما له طعام إلا ماء زمزم وهذا إبراهيم التيمي كان يمكث في السجن كذا وكذا لا يأكل وهذا ابن الزبير كان يمكث سبعًا
كتب المتوكِّل أن يحمل أحمد إليه فحمل إليه فلمَّا قدم أحمد أمر أن يفرغ له قصر ويبسط له فيه ويجري عل مائدته كل يوم كذا وكذا وأراد أن يسمع ولده الحديث فأبى أحمد ولم يجلس على بساطه ولم ينظر إلى مائدته وكان صائمًا فإذا كان عند الإفطار أمر رفيقه الذي معه أن يشتري له ماء الباقلاء فيفطر عليه فبقي أيامًا على هذه الحال وكان علي بن الجهم من أهل السنة حسن الرأي في أحمد فكلم أمير المؤمنين فيه وقال: هنا رجل زاهد لا ينتفع به فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له؟ ففعل ورجع أحمد إلى منزله
صوم إبراهيم بن هانئ النيسابوري
(الإمام العلم أبو إسحاق النيسابوري)
قال الخطيب: "كان أحد الأبدال"
قال الإمام أحمد: "إن يكن أحد ممن يعرف من الأبدال فإبراهيم بن هانئ"
وقال: إن كان ببغداد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري
قال إسحاق ابن إبراهيم بن هانئ: كان أحمد بن حنبل مختفيًا هاهنا عندنا في الدار فقال لي أحمد بن حنبل: لست أطيق ما يطيق أبوك يعني من العبادة
ولو لم يكن هذا الإمام الجبل من الفضل إلا ما قاله إمام أهل السنة فيه لكفاه فخرًا إلى يوم أن يرث الأرض ومن عليها
هذا الإمام الصوام الذي مات وهو صَائِم
قال أبو بكر النيسابوري: حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته فجعل يقول لابن إسحاق: يا أبا إسحاق ارفع الستر قال: يا أبتِ الستر مرفوع قال: أنا عطشان فجاءه بماء قال: غابت الشمس؟ قال: لا، قال: فرده ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون ثم خرجت روحه
وفي "صفة الصفوة": فدعا ابنه إسحاق فقال: هل غربت الشمس؟ قال: لا ثم قال: يا أبت رخص لك في الإفطار في الفرض وأنت متطوع قال: أمهل ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون ثم خرجت نفسه
رحمك الله يا أبا إسحاق فقد كنت نسيجًا وحدك في صومك وعبادتك
صوم أحمد بن سليمان أبو بكر النجاد
(من كبار علماء الحنابلة في جمع العلم والزهد وكانت له حلقة بجامع المنصور يفتِي قبل الصلاة ويملي الحديث بعدها)
وصنف كتاب "الخلاف" نحو مائتي جزء وقد سمع من أبي داود السجستاني وغيره
وكان يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف
صوم بقي بن مخلد
(الإمام القدوة شيخ الإسلام الحافظ صاحب "التفسير" و"المسند" الذين لا نظير لهما تلميذ الإمام أحمد)
قال عنْه الذَّهَبِي: كان إمامًا مجتهدًا صالحًا ربانيًّا صادقًا مخلصًا رأسًا في العلم والعمل عديم المثل منقطِع القرين يفتِي بالأثر ولا يقلد أحدًا
قد ظهرت له إجابات الدعوة في غير ماشيقال عنه أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبدالبر: كان فاضلاً تقيًّا صوامًا قوامًا متبتِّلاً منقطع القرين في عصره منفردًا عن النظير في عَصرِه
ذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قال: كان بقي يختم القرآن كل ليلة ثلاث عشرة ركعة وكان يصلي بالنهار مئة ركعة ويصوم الدهر وكان كثير الجهاد فاضلاً يذكر عنه أنه رباط اثنتين وسبعين غزوة
قال عنه حفيده عبدالرحمن: كان جدِّي قد قسم أيامه على أعمال البِرِّ فكان إذا صلى الصبح قرأ حِزبه من القرآن في المصحف سدس القرآن وكان أيضًا يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده فيختم قرب انصداع الفجر وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جدًّا ثم ينقلب إلى داره وقد اجتمع في مسجده الطلبة فيجدد الوضوء ويخرج إليهم فإذا انقضت الدول صار إلى صومعة المسجد فيصلي إلى الظهر ثم يكون هو المبتدئ بالأذان ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر ويصلي ويسمع وربما خرج في بقيَّة النهار فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر فإذا غربت الشمس أتى مسجده ثم يصلي ويرجع إلى بيته فيفطر وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة ويخرج إلى المسجد فيخرج إليه جيرانه فيتكلَّم مَعَهم في دينهم ودنياهم ثم يصلي العشاء ويدخل بيته فيحدث أهله ثم ينام نومَة قد أخذتها نفسه ثم يقوم هذا إلى أن توفي
صوم المنبجي
(الإمام المحدِّث القدوة العابد أبو بكر عمر بن سعيد الطائي المنبجي)
قال عنه ابن حبان: كان قد صام النهار وقام الليل ثمانين سنة غازيًا مرابطًا رحمه الله
كَذَاكَ الْفَخْرُ يَا هِمَمَ الرِّجَالِ ..... تَعَالَي فَانْظُرِي كَيْفَ التَّعَالِي
صوم ابن زياد النسابوري
(الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد إمام الشافعيين في عصره بالعراق)
قال الدارقطني تلميذه: ما رأيت أحفظ من أبي بكر النيسابوري
قال أبو الفتح يوسف القواس: سَمِعْت أبا بكر النيسابوري يقول: تعرف مَن أقام أربعين سنة لم ينم الليل ويتقوت كل يوم بخمس حبات ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة؟ ثم قال: أنا هو وهذا كله قبل أن أعرف أم عبدالرحمن أيْش أقول لمن زوجني؟ ثم قال: ما أراد إلا الخير
ومعنى يتقوت كل يوم بخمس حبات أي: بعد صيامه
صوم القطان
(الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام أبو الحسن القطان عالم قزوين)
قال عنه جماعة من شيوخ قزوين: لم يَرْوِ أبو الحسن رحمه الله مثل نفسه في الفضل والزهد أدام الصيام ثلاثين سنة وكان يفطر على الخبز والملح وفضائله أكثر من أن تعد
صوم ابن بطة
(الإمام القدوة العابد الفقيه المحدِّث شيخ العراق العُكْبَري الحنبلي صاحب "الإبانة الكبرى")
قال الخطيب: لما رَجَعَ ابن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة لم يُرَ في سوق ولا رؤي مفطرًا إلا في عيد وكان أمارًا بالمعروف لم يبلغه خبر منكر إلا غيره
قال العتيقي: كان ابن بطة مستجاب الدعوة
قال أبو محمد الجوهري: سَمِعْت أخِي الحسين يقول: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله قد اختلفت علي المذاهب فقال: عليك بابن بطة فأصبحت ولبست ثيابي ثم أصعدت على عكبرا فدخلت وابن بطة في المسجد فلما رآني قال لي: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق